التحكم بالوزن / نصائح لخسارة الوزن
إنّ خسارة الوزن الزائد ليست بالأمر السهل فهي تحتاج لإرادة والتزام، كما أنّها تستغرق بعض الوقت الطويل نسبيّاً والذي لا بُدّ من أن يكون مُتناسباً مع مقدار الوزن المطلوب فُقدانه، بهدف المحافظة على ما تمَّت خسارته من وزن بالإضافة للحصول على الأهداف الصحية والنفسية المرجوَّة من الأمر والمحافظة عليها، فقد بيّنت العديد من الأدلّة والدراسات أنّ الأشخاص الذين يتّبعون نظاماً تدريجياً ثابتاً في عملية إنقاص وزنهم بمعدّل 0.5 – 1 كيلوغرام أسبوعياً، قادرون على الاحتفاظ بوزنهم الجديد الصحي أو الأقرب للصحي بشكل أكبر وأكثر نجاحاً. لذلك، إنّ الطريقة الصحية لعملية فقدان الوزن لا تتمّ خلال وقت قياسي قصير، وهي ليست مُجرَّد نظام أو برنامج غذائي يتمّ اتّباعه لفترة من الزمن، بل اتّباع نمط حياة صحي بانتظام والالتزام به باستمرار، بما في ذلك الالتزام بتطبيق العادات الصحية الغذائية والبدنية بشكلٍ يومي.
وتجدر الإشارة إلى أنّ فقدان أي نسبة من وزن الجسم الزائد تعود بالفائدة على الصحة بشكل عام، فالأمر ليس مقترن بالوصول للوزن المثالي أو الصحّي المُوصى به، حيث أن فقدان نسبة ولو ضئيلة مثل 5 – 10٪ من وزن الجسم الزائد من شأنه أن يقلّل من عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية الإصابة بمجموعة من الأمراض المرتبطة بزيادة الوزن أو السمنة، حتى لو بقي وزن الجسم بعد خسارة هذه النسبة منه أعلى من الوزن المثالي، فخسارة نسبة بسيطة مثل 10٪ من وزن الجسم يمكنها أن تحسّن من مستوى ضغط الدم بالإضافة لمستويات الكوليسترول والسُكَّر في الدم، ولكن في المقابل كلّما ازداد اقتراب وزن الجسم من معدّل الوزن الصحي ارتبط ذلك بمجموعة أكبر من الفوائد الصحية وبمقدار أعلى.
خطوات ونصائح للمساعدة على خسارة الوزن
إنّ عملية خسارة الوزن بالشكل الصحي تحتاج لأكثر من مجرّد رغبة شخصية أو فردية، بل هي تحتاج لوضع خطة مدروسة، مُتدرِّجة ومناسبة ومن ثمّ الالتزام بها، وفي كثير من الأحيان يتم وضع خطط للمساعدة في عملية إنقاص الوزن بشكل فردي لتُناسب فرداً دون آخر أو تلائمه بشكلٍ أكبر بناءً على عوامل فردية خاصة. لكن، يُنصح بشكل عام باتّباع الخطوات الآتية عند البدء بعملية فقدان الوزن للوصول للهدف المُراد بشكل سليم:
الخطوة الأولى: الالتزام النفسي بقرار إنقاص الوزن الزائد
فاتخاذ قرار لإنقاص الوزن الزائد يحتاج لتبنّي وتطبيق نمط حياة صحي جديد ومختلف عمّا هو موجود حالياً لدى الفرد، لذلك فهو يُعتبر بمثابة خطوة كبيرة تستدعي الالتزام الثابت والمستمر بها، الأمر الذي يشمل بشكل أساسي التزام الفرد مع نفسه لتحقيق الأهداف المرجوّة من الخطَّة، التي لا بدّ من شمولها بدايةً للأمور الأساسية التي سيتمّ تغييرها وتحديد الآلية التي سيَمّ من خلالها ذلك، كتحديد مقدار الوزن الذي ينوي الشخص التخلُّص منه، والمدّة الزمنية اللازمة لذلك، والتغييرات والتعديلات على النظام الغذائي التي سيتمّ إجرائها للبدء بممارسة عادات صحية جديدة، وتحديد جدول منظَّم لممارسة التمارين والأنشطة البدنية بالإضافة إلى ذكر الأسباب التي أدَّت لاتخاذ قرار إنقاص الوزن، فذلك من الأمور التي تساعد بشكل كبير في الالتزام بتطبيق الخطَّة واستمرارها.
الخطوة الثانية: التقييم الذاتي
حيث يشمل ذلك تقييم أبعاد الجسم من طول ووزن، بالإضافة لأي عوامل خطورة صحية مرتبطة بوزن الجسم الزائد وأخرى غير مُرتبطة بذلك من الممكن وجودها، بالإضافة لمعرفة النظام الغذائي المتبع في الوقت الحالي، لتتمّ زيادة الوعي لدى الفرد بأنواع الأطعمة التي يتناولها في العادة والأوقات التي يتناولها خلالها، وبالتالي المساعدة في التخلُّص من عادات الأكل السيئة صحياً. كما لا بدّ من تحديد نمط الحياة المتّبع حالياً لدى الفرد وتحديد الأمور المعيقة لسير وتطبيق خطة إنقاص الوزن، كالعوامل الاجتماعية أو الأُسرية. وفي المقابل أيضاً، لا بدّ من تحديد السلوكيات التي تساعد على التغلُّب على تلك التحديات، والجوانب الإيجابية المتّبعة في نمط حياة الفرد والتي تساعد في تطبيق خطَّة إنقاص الوزن.
وفيما يأتي ذكر لبعض من الأمثلة العملية على التقييم الذاتي المتعلّق بجانب العادات الغذائية، والتي من الممكن تطبيقها من حيث المبدأ على باقي الجوانب الأخرى كالنشاط البدني والعوامل الاجتماعية والأُسرية:
وذلك يشمل تحديد جميع العادات الغذائية بشكل عام بما يشمل السيئة منها والجيدة، والعوامل التي قد تزيد من توجُّه الفرد لتناول أنواع الأطعمة غير الصحية، كعادة تناول السُكّريات أو الحلويات عند الشعور بالتعب، وانخفاض مستوى الطاقة الجسدية في فترة ما بعد الظهر على سبيل المثال، وغيرها من العادات التي قد تُؤدّي في الغالب إلى حدوث زيادة في الوزن، مثل تناول الطعام بشكل سريع، وتناول كل ما يحتوي عليه الطبق من طعام حتى عند الشعور بالشبع، أو تناول القليل من الطعام دون وجود أيّ شعور بالجوع، وتناول الحلويات بشكلٍ مستمر أو بانتظام، وعدم الالتزام بتناول ثلاث وجبات يومياً كالتخلّي عن وجبة الإفطار على وجه الخصوص.
كما من المهمّ معرفة العوامل المصاحبة لممارسة الفرد لبعض تلك العادات الغذائية، كالشعور بالحزن أو الغضب، مشاهدة التلفاز بكثرة، المرور بجانب محلّات بيع الحلويات، عدم توفر وجبة طعام الغداء جاهزة عند العودة إلى المنزل، أو الشعور بالمَلَل ومحاولة التغلُّب على ذلك بتناول وجبة من الطعام.
فبعد القيام بتحديد العادات الصحية بشكلٍ عام لدى الفرد ومن ضمنها تلك العادات السيئة والعوامل المصاحبة أو المؤدّية لحدوثها أو ممارستها، لا بدّ من القيام باستبدالها بغيرها من العادات الغذائية الصحية أو الجيدة والتقليل من تأثير العوامل المحفزة لممارستها، من خلال محاولة وضع بعض الحلول والاقتراحات للتغلّب على تلك العادات و/أو العوامل المؤدّية لحدوثها، كمحاولة تناول الطعام بشكل أكثر بُطئاً في حالة تناوله بشكل سريع في العادة، تجنُّب سلوك الطريق المعتاد والذي تتواجد فيه محلّات بيع الحلويات، استبدال مشاهدة التلفاز بقضاء بعض الوقت مع العائلة أو التنزُّه في الحي، محاولة تنفيس مشاعر الحزن أو الغضب أو المَلَل بممارسة نوع من الرياضة على سبيل المثال بدلاً من تناول الطعام، التخطيط لوجبات الطعام في وقتٍ مُسبق بهدف ضمان تناول وجبات صحية متوازنة.
ومن المهمّ الانتباه لموضوع السعرات الحرارية في نوع الأطعمة التي يتمّ تناولها، فالأساس في محاولة خسارة الوزن هو عدم استهلاك سعرات حرارية تفوق المقدار الذي يتمّ استخدامه كطاقة مبذولة خلال ممارسة الجهد البدني، حيث تمّ تقدير عدد السعرات الحرارية التي يحتاجها الفرد خلال اليوم للمحافظة على وزنه الصحي، بما لا يزيد عن 2500 سعرة حرارية للرجل وما لا يزيد عن 2000 سعرة حرارية للمرأة، مع اختلاف في تلك الكميات بناءً على طبيعة أجسامهم ومقدار النشاط اليومي المبذول من قِبَلهم.
وقد تمَّ اقتراح عدد من أنظمة الغذاء الصحي التي تساعد على الحصول على المقدار الموصى به من السعرات الحرارية اليومية، والتي تشمل النظام الغذائي منخفض الكربوهيدات وآخر منخفض السعرات الحرارية، بالإضافة لغيرها من الأنظمة الغذائية المقترحة، والتي بوسع الفرد اتّباع أحدها حسب ما يناسبه، ولكن بشكل عام ينصح بالإكثار من تناول الخضار والفواكه والأطعمة التي تحتوي على كمية كبيرة من الألياف، والتقليل من الدّهون، السكريات والحلويات بالإضافة إلى ملح الطعام، والانتباه لكميات الطعام التي يتمّ تناولها خلال اليوم من كل مجموعة أو صنف غذائي.
فلا بدّ من الاستمرار بممارسة العادات الصحية الجديدة والالتزام بذلك قدر الإمكان بالرغم من مواجهة بعض الصعوبات، خاصةً في بداية فترة تطبيق تلك العادات الجديدة والتخلّي عن العادات الغذائية السيئة الأُخرى، ولكن من المهمّ معرفة أنّ الأمر يحتاج لبعض الوقت وفي الغالب سيواجه الفرد صعوبةً في البداية، حيث لن يتمكّن من الالتزام التامّ بجميع العادات الصحية في ذلك الوقت، وسيقوم ببعض التجاوزات بين الحين والآخر في الغالب، لكنَّ ذلك لن يكون بمثابة هدم للنهج الجديد بل خطوات صغيرة نحو النهج الأمثل، فمع مرور الوقت لا بدّ من تعزيز العادات الصحية الجديدة بإضافة عادات أُخرى لها والتخلّي عن عادات غير صحية أكثر.
الخطوة الثالثة: القيام بتحديد أهداف واقعية لخطّة إنقاص الوزن
فلا بدّ من تحديد مجموعة من الأهداف المرجو الوصول إليها على المدى الزمني القصير بحيث تكون محدّدة تماماً وواقعية وقابلة للتحقيق كما تناسب حالة الفرد وقُدراته. وفي حالة تمكّن الشخص من الوصول إلى تلك الأهداف ضمن الجدول الزمني المفترض عليه مكافأة نفسه بنفسه، فهذه الأهداف تشكّل اللبنة الأساسية التي تساعد في الوصول للأهداف الأكبر على المدى الطويل، ولكن من المهمّ أن يتمّ التركيز على عدد من الأهداف لا يتجاوز هدفين إلى ثلاثة في الوقت نفسه، ومن الأمثلة على الأهداف المقبولة والمناسبة على المدى القصير ما يأتي:
وتكمن أهمية أن تكون الأهداف المرجوّة واقعية خاصةً تلك ذات المدى القصير في مساعدة الفرد على تحقيقها وتحقيق جزء من أهدافه طويلة الأجل، ممّا يزيد من ثقته بنفسه ويدفع به للالتزام أكثر بخطَّة إنقاص الوزن، دون الشعور بالإحباط والهزيمة وعدم الرضى من تحقيق أهداف غير واقعية وغير مناسبة لقدراته وحالته. كما تُساعد الأهداف الواقعية على توقع حدوث الانتكاسات أُثناء عملية تطبيق الخطَّة للتأقلم معها وتحضير رد الفعل المناسب لها والعودة إلى المسار الصحيح بأسرع وقت، كما يحدث للشخص عند ذهابه لمناسبة اجتماعية بما فيها من أنواع أطعمة قد لا تناسب النظام الغذائي الجديد ضمن خطّة إنقاص الوزن.
ومن المهمّ معرفة أن خطط إنقاص الوزن لا تتشابه بين الأفراد، فما يناسب أحدهم قد لا يناسب غيره، وذلك يشمل الأنشطة البدنية لذلك ينصَح بممارسة مجموعة متنوعة من الأنشطة البدنية كالمشي أو السباحة أو التنس لتحديد النوع الأكثر ملائمة لحالة الفرد ونمط حياته، وأكثر متعة بالنسبة له أيضاً لتسهيل عملية الالتزام بالقيام بها وممارستها.
الخطوة الرابعة: تحديد مصادر موثوقة للمعلومات والدعم النفسي والتشجيع
من المهمّ الاعتماد على معلومات موثوقة من مصادر معتمدة للسير في خطىً صحيحة، كما من المهمّ أيضاً إيجاد دعم نفسي وتشجيع من أفراد مقرّبين سواء من العائلة أو الأصدقاء، أو ربّما مجموعة أخرى تسير على نفس النهج من تبنّي عادات صحية جديدة، مما يسهّل ويدعم عملية إنشاء نمط حياة صحي جديد لدى الفرد والالتزام به، وبالتالي الوصول للأهداف المرجوّة في تخفيف وزن الجسم الزائد.
الخطوة الخامسة: مراقبة الفرد لمقدار التقدّم والتغيير الذي يحرزه باستمرار
من الضروري متابعة التقدّم الذي يحرزه الفرد باستمرار، وذلك بمراجعة الأهداف التي قام بتحديدها في بداية الأمر، كما تمّ ذكره سابقاً في الخطوة الثالثة، وبذلك يتم تقييم مدى الالتزام وملائمة الأهداف لنمط حياة الفرد وقدرته على مواكبة التغيير اللازم للوصول لتلك الأهداف، وبذلك يتمّ تعديل الخطّة وإعادة كتابة الأهداف وتحديدها لتناسب الفرد بشكلٍ أكبر، أو تعديل الخطة بإضافة أهداف جديدة ورفع مستواها في حالة القدرة على مواكبة الأهداف الأساسية السابقة وتحقيقها، كما من المفيد في هذه الحالة قيام الفرد بمكافأة نفسه للمساعدة على التحفيز والتشجيع للالتزام بالخطّة والأهداف الجديدة، ولكن لا بدّ من الانتباه إلى الابتعاد عن أنواع المكافآت الغذائية بل اختيار مكافآت من نوع آخر، كالذهاب في نزهة مع الأصدقاء أو شراء شيء ما تمّ تأجيل شرائه من مدّة طويلة.
الحِفاظ على نتائج إنقاص وزن الجسم
فمن الأمور المهمّة التي يجدر ذكرها وأخذها بعين الاعتبار، خاصةً بعد النجاح في خسارة الوزن الزائد من الجسم، هو كيفية المحافظة على ما تمّت خسارته والبقاء في حدود الوزن الصحي أو المثالي، أو الوزن الجديد القريب من الصحي على أقل تقدير، حيث تعتبر هذه المرحلة من المراحل الصعبة لدى العديد من الأشخاص، فبالرغم من نجاحهم في إنقاص وزن الجسم إلا أنّهم لم يتمكّنوا من الاحتفاظ بتلك النتيجة، واستعادوا ما تمّت خسارته من الوزن بفترة قصيرة من الزمن في كثير من الحالات، لذلك فإنّ الأمر يستدعي الانتباه لمرحلة ما بعد خسارة الوزن الزائد، وفيما يأتي ذكر لبعض النصائح التي تقدّم العون في تلك المرحلة:
1. مراقبة النظام الغذائي المتّبع باستمرار، وذلك من خلال الانتباه والالتزام لما يأتي:
2. المحافظة على نشاط الجسم: وذلك من خلال الالتزام بالحصول على مقدار ثابت ويومي من النشاط البدني، مع الانتباه لعدم استهلاك كميات كبيرة من السعرات الحرارية بالمقابل، فيمكن ممارسة رياضة المشي السريع لمدّة تتراوح ما بين الساعة والساعة والنصف (60 – 90 دقيقة) يومياً، ولكن ليس بالضرورة القيام بذلك بشكل متواصل، حيث يمكن تقسيم ذلك الوقت لثلاثة أجزاء على مدار اليوم: صباحاً، فترة ما بعد الظهيرة ومساءً.
3. الحفاظ على الالتزام بالنهج الصحيح، وذلك من خلال الانتباه للأمور الآتية:
ويتّضح من كل ما سبق ذكره أنّ الطريقة الأمثل لإنقاص الوزن هو القيام به بصورة تدريجية، وعلى مراحل مهما كان وزن الجسم الحالي ومهما بدت المهمّة صعبة في البداية فالأمر ما هو إلّا رحلة يتمّ فيها تعلّم عادات صحيّة جديدة والتخلّي عن عادات أُخرى سلبية يتعلّق كل منها بالغذاء والنشاط البدني بشكل خاص، وسيكون لتغيير نمط الحياة الجديد تأثيراً إيجابياً على مستوى وجودة الحياة بشكل عام لدى الفرد، وزيادة مستوى الطاقة الجسدية التي يمتلكها عمّا كان سابقاً ومستوى الحركة وسهولتها، والثقة بالنفس والصحة النفسية والمزاج العام بالإضافة إلى القُدرة على الاحتفاظ بوزن الجسم الجديد الصحي أو الأقرب إليه مع مرور الوقت عند الالتزام بتلك العادات الصحية الجديدة.
المراجع: