العلاج / العلاج الدوائي

 

إن تغيير نمط الحياة المتبع من قبل الفرد يمكنه أن يساعد بشكل كبير في السيطرة على مستوى ضغط الدم، التحكم به ومنْع ارتفاعه عن المعدل الطبيعي، بما في ذلك تناول الغذاء الصحي مع تقليل كمية ملح الطعام المستهلكة بشكل يومي، ممارسة النشاط البدني بانتظام، المحافظة على أو الوصول إلى الوزن الصحي، الحد من استهلاك الكافيين والإقلاع عن التدخين، لكن ذلك في كثير من الأحيان لا يكون كافياً لعلاج مرض ارتفاع ضغط الدم، لذلك تأتي الحاجة لاستخدام بعض أنواع الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المختص، للمساعدة على استقرار قراءات ضغط الدم والحيلولة دون ارتفاعها، وذلك بالرغم من دور نمط الحياة الصحي في زيادة فعالية تلك الأدوية المستخدمة في العلاج.

 

وعلى الرغم من أن المعدل الطبيعي لمستوى ضغط الدم يقع ضمن القراءات التي تتراوح ما بين 100 - 120 ملليمتر زئبقي لقيمة ضغط الدم الانقباضي، وما بين 60 - 80 ملليمتر زئبقي لقيمة ضغط الدم الانبساطي، إلا أن توصيات الهيئات الطبية العالمية فيما يخص قراءات ضغط الدم الواجب الوصول إليها، لدى الشخص المصاب بـمرض ارتفاع ضغط الدم، تفيد باختلاف تلك القراءات بناءً على حالة المريض ومستوى صحته، حيث لا تستلزم جميع الحالات استخدام العلاج للوصول إلى معدلات ضغط الدم الطبيعية، بل خفْضها قدْر الإمكان لتقليل أضرار المستويات المرتفعة لضغط الدم ومضاعفات ارتفاع ضغط الدم، بشكل يتناسب مع حالة المريض، ردة فعل جسمه وقدرته على التأقلم مع تأثير العلاج.

 

ويستثنى مما سبق، الحالات الآتية التي لا بدّ من خفْض مستوى ضغط الدم فيها لما هو دون 130 ملليمتر زئبقي لقيمة ضغط الدم الانقباضي، ودون 80 ملليمتر زئبقي لقيمة ضغط الدم الانبساطي:

1.    الأشخاص كبار السن الذين تجاوزوا 65 من العمر، ولا يعانون من أية أمراض مزمنة.

2.    الأشخاص البالغين الذين لم يتجاوزوا 65 عاما من العمر، ولكنهم يمتلكون أحد العوامل التي تزيد من خطر إصابتهم بأمراض الأوعية الدموية أو مجموعة منها، كالإصابة بمرض السكري أو السمنة على سبيل المثال.

3.    الأشخاص المصابين بأمراض الكلى، مرض السكري أو مرض الشريان التاجي.

 

     وللوصول لتلك القراءات من ضغط الدم الموصى بها، تتوافر العديد من مجموعات الأدوية التي تنتمي لمجموعات دوائية مختلفة تبعاً لآلية عملها داخل الجسم، وبالتالي يختلف استخدامها ويتم تحديد النوع الذي يحتاجه المريض تبعاً لحالته المرضية من حيث مدى الارتفاع الحاصل في مستوى ضغط الدم لديه، والأمراض المزمنة الأخرى التي قد يكون مصاباً بها، وبشكل عام تتمثل الأدوية التي تساعد على خفْض قراءات ضغط الدم واستقرارها في المجموعات الدوائية الرئيسية الآتية:

 

 المحتويات

الأدوية المدرّة للبول

الأدوية المثبطة للإنزيم المحول للأنجيوتنسين

أدوية حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين

أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم

الخطة العلاجية لمرض ارتفاع ضغط الدم

المتابعة الدورية لمرضى ارتفاع ضغط الدم


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1.    الأدوية المدرة للبول (Diuretics):

     وهذه المجموعة تقسم لعدة أنواع من الأدوية، ولكن من بين هذه الأنواع يتم الاعتماد بشكل أساسي في علاج مرض ارتفاع ضغط الدم على نوع مدرات البول الثيازيدية (Thiazide Diuretics)، وتتمثل آلية عملها في التأثير على الكلى بهدف مساعدة الجسم على التخلص من الكميات الزائدة من السوائل وعنصر الصوديوم، وبالتالي التقليل من حجم الدم في الجسم مما يخفض من مستوى ضغط الدم، ومن الأمثلة الشائعة على هذا النوع من الأدوية دواء كلورثاليدون (Chlorthalidone) و دواء هيدروكلوروثيازيد (Hydrochlorothiazide).

 

2.    الأدوية المثبطة للإنزيم المحول للأنجيوتنسين (Angiotensin Converting Enzyme Inhibitors):

     ويعمل هذا النوع من الأدوية على منْع إنزيم معين في الجسم من أداء عمله في تحويل مادة الأنجيوتنسين لأخرى قابضة للأوعية الدموية، وبالتالي يساعد ذلك على استرخاء الأوعية الدموية في الجسم وخفْض قيم ضغط الدم، ويعد هذا النوع من الأدوية من أهم الأدوية المستخدمة لدى مرضى الكلى الذين يعانون من مرض ارتفاع ضغط الدم في نفس الوقت، ومن الأمثلة الشائعة على هذه المجموعة من الأدوية دواء بنزابريل (Benazepril) ودواء لازينوبريل (Lisinopril).

 

3.    أدوية حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (Angiotensin Receptor Blockers):

     وتستهدف هذه المجموعة من الأدوية مستقبلات الأنجيوتنسين لترتبط بها وتمنعها من الارتباط مع الأنجيوتنسين، الأمر الذي يحول دون التسبب بتقلص وتضيق الأوعية الدموية وارتفاع مستوى ضغط الدم فيها، حيث تعمل هذه الأدوية على استرخائها بدلا من ذلك، وهي تتشابه مع المجموعة السابقة في فائدتها الكبرى لفئة مرضى الكلى المصابين بمرض ارتفاع ضغط الدم في آنٍ واحد، ومن الأمثلة على هذه المجموعة من الأدوية دواء كانديسارتان (Candesartan) ودواء لوسارتان (Losartan).

 

4.    أدوية حاصرات قنوات الكالسيوم (Calcium Channel Blockers):

     فعنصر الكالسيوم وحركته إلى داخل وخارج الخلايا ضروري لعملية تقلص جميع أنواع الأنسجة العضلية في الجسم، لذلك تستهدف هذه المجموعة من الأدوية قنوات الكالسيوم الموجودة داخل خلايا العضلات الملساء الموجودة في القلب والأوعية الدموية، فترتبط مركبات هذه الأدوية بها وتمنع تلك الموجودة في الأوعية الدموية من التسبب بتضيقها، كما تؤثر من خلال ارتباطها بالقنوات الموجودة في القلب على معدل ضرباته، لتؤدي إلى بطئه من جهة وخفْض مستوى ضغط الدم في الجسم من جهةٍ أخرى، ومن الأمثلة على هذا النوع من الأدوية دواء أملوديبين (Amlodipine) ودواء ديلتيازيم (Diltiazem).

 

 

 

ومما يجدر ذكره، أن بعض الأدوية التي تنتمي لهذه المجموعة من الأدوية، تتفاعل بشكل خاص مع عصير فاكهة الجريب فروت، لتزيد من مستوى تركيزه في مجرى الدم وبالتالي زيادة مفعوله، الأمر الذي يعرض المريض لزيادة خطر الإصابة بعدد من الآثار الجانبية، لذلك من المهم استشارة الطبيب حول النظام الغذائي المتبع وتأثيره على بعض أنواع الأدوية، واتباع تعليماته.

 

 

 

 

 

ويتم اللجوء في بعض الحالات للاستعانة بمجموعات أخرى من الأدوية، التي تستخدم بشكل ثانوي كإضافة لأحد الأدوية أو عدد منها التي تنتمي لإحدى المجموعات الدوائية السابقة الذكر، وذلك في حالة عدم الوصول إلى قيمة ضغط الدم المراد تحقيقها والموصى بها لدى المريض، وتشتمل هذه المجموعات الدوائية على ما يأتي:

 

1.    أدوية حاصرات ألفا – 1 (Alpha – 1 Blockers): وتتمثل آلية عمل هذه المجموعة من الأدوية في تقليل تأثير السيالات العصبية، وما يرتبط بها من مواد كيميائية أخرى على جدران الأوعية الدموية، بحيث يمنع ذلك تضيق تلك الأوعية الدموية وخفْض مستوى ضغط الدم فيها، وتستخدم هذه المجموعة من الأدوية بشكل خاص لدى الرجال الذين يعانون من تضخم البروستات الحميد إما بالتزامن مع مرض ارتفاع ضغط الدم أو بدونه، ومن الأمثلة الشائعة على هذه المجموعة أدوية دوكسازوسين (Doxazosin) وبرازوسين (Prazosin).

 

2.    أدوية حاصرات ألفا بيتا (Alpha – Beta Blockers): وتتشابه آلية عمل هذه المجموعة من الأدوية مع المجموعة السابقة، ولكن مع إضافة تأثيرها على معدل ضربات القلب بحيث تقوم بإبطائها، بهدف تقليل كمية الدم التي يتم ضخها في آنٍ واحد من القلب إلى داخل الأوعية الدموية، ويعتبر كل من دواء كارفيديلول (Carvedilol) ودواء لابيتالول (Labetalol) أحد الأمثلة على هذه المجموعة.

 

3.    أدوية حاصرات بيتا (Beta Blockers): تعمل هذه المجموعة من الأدوية على تقليل العبء الموجود على القلب والتأثير على الأوعية الدموية بزيادة استرخائها، لينتج من ذلك إبطاء معدل ضربات القلب وتقليص قوتها، مما يؤدي لخفْض مستوى ضغط الدم داخل جدران الأوعية الدموية، وكمثال على أدوية هذه المجموعة يمكن ذكر دواء أتينولول (Atenolol).

 

4.    الأدوية المضادة للألدوستيرون (Aldosterone Antagonists): تمنع هذه المجموعة من الأدوية تأثير هرمون الألدوستيرون المتمثل باحتباس السوائل وعنصر الصوديوم في الجسم، الأمر الذي يقلل من ارتفاع مستوى ضغط الدم في الجسم الناجم عن هذه الآلية، ويعد كل من دواء سبيرونولاكتون (Spironolactone) ودواء إبليرينون (Eplerenone) من الأمثلة على هذه المجموعة.

 

5.    الأدوية المثبطة للرينين (Renin Inhibitors): حيث تعمل هذه المجموعة من الأدوية على تثبيط عمل إنزيم الرينين، الذي يتم إنتاجه في الكلى ليكون مسؤولا عن سلسلة أحداث وخطوات في الجسم تتسبب في زيادة مستوى ضغط الدم، ويتوفر دواء وحيد يعمل ضمن هذه الآلية وهو دواء أليسكيرين (Aliskiren)، الذي ينبغي عدم استخدامه مع أي من الأدوية التي تنتمي لمجموعات الأدوية المثبطة للإنزيم المحول للأنجيوتنسين (Angiotensin Converting Enzyme Inhibitors)، وأدوية حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين (Angiotensin Receptor Blockers) خوفاً من حدوث مضاعفات صحية خطيرة لدى المريض، من ضمنها السكتة الدماغية.

 

6.    الأدوية الموسعة للشرايين (Vasodilators): وتستهدف هذه المجموعة من الأدوية، العضلات الموجودة داخل جدران الشرايين بهدف منْع تقلصها وتضيق المجرى داخل الشرايين، وتتمثل هذه المجموعة بدوائي الهيدرالازين (Hydralazine) والمينوكسيديل (Minoxidil).

 

7.    الأدوية المنبّهة لمستقبلات ألفا - 2 (Alpha – 2 Receptor Agonists): وتعرف أيضاً باسم المنبهات المركزية، حيث تعمل هذه الأدوية على تقليل مستوى السيالات العصبية المتوجهة من الدماغ إلى الجهاز العصبي، التي تهدف لزيادة معدل ضربات القلب وتضيق الأوعية الدموية، وتتمثل هذه المجموعة بثلاثة أدوية فقط هي دواء كلونيدين (Clonidine)، دواء غوانفاسين (Guanfacine) ودواء ميثيل دوبا (Methyldopa) الذي يعتبر الدواء الأمثل لعلاج ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل.

 

الخطة العلاجية لمرض ارتفاع ضغط الدم

في أغلب حالات مرض ارتفاع ضغط الدم، يتم الاستعانة بالأدوية المدرة للبول وخاصة من نوع الثيازيديات، باعتبارها أول خطوة في العلاج فهي تعد الأدوية الأمثل لذلك، ولكن في غيرها من الحالات يتم إضافة أدوية من المجموعات الأخرى للوصول للهدف المراد تحقيقه علاجياً ومستوى ضغط الدم الموصى به، وذلك يشمل الحالات التي لا تستجيب بشكل كامل لهذه المجموعة من الأدوية، أو ارتفاع ضغط الدم لمستوى يعادل 140 ملليمتر زئبقي أو يزيد عليه لقيمة ضغط الدم الانقباضي، أو ما يعادل 90 ملليمتر زئبقي أو يزيد عليه لقيمة ضغط الدم الانبساطي، أو إصابة المريض بأنواع أخرى من الأمراض المزمنة بالتزامن مع مرض ارتفاع ضغط الدم.

 

ويُراعى في وصف الأدوية الخافضة لمستوى ضغط الدم حالة المريض الصحية بشكل عام، بحيث يكون العلاج مناسباً وقد يساعد في علاج حالات الأمراض المزمنة الأخرى التي قد يعاني منها، كما ويتم وصف تلك الأدوية بجرعات منخفضة في بداية فترة العلاج، ثم يتم زيادتها و/أو زيادة معدل تكرارها خلال اليوم تبعاً لحالة المريض، ومستوى ضغط الدم لديه واستجابته للعلاج الذي يشمل التحسن في حالته الصحية والآثار الجانبية التي قد يعاني منها، والتي قد تزيد في حالة تناول المريض لأنواع أخرى من الأدوية التي تستخدم لعلاج حالات مرضية عابرة في أغلب الأوقات، كالأدوية المزيلة للاحتقان التي تؤثر على مستوى ضغط الدم وتؤدي لارتفاعه، لذلك ينصح المريض باستشارة الطبيب قبل استخدامه أي نوع آخر من الأدوية.

 

المتابعة الدورية لمرضى ارتفاع ضغط الدم

 

لا بدّ من الالتزام بمراجعة الطبيب في المواعيد المحددة على طول فترة العلاج، خاصة في بدايتها حيث ينصح بمراجعة الطبيب مرة واحدة على الأقل كل شهر، حتى يتم السيطرة على مستوى ضغط الدم والوصول للمستوى الموصى به الخاص بحالة المريض، تقييم ومراقبة خطة العلاج وإجراء أي تعديلات لازمة عليها، بالإضافة للحاجة لمراقبة الآثار الجانبية للأدوية الموصوفة للمريض في بداية فترة العلاج بشكل خاص، وعلى فترات زمنية محددة أثناء فترة العلاج الطويلة للقيام بعدد من الفحوصات الطبية المنتظمة الضرورية، كالقيام بفحص مستوى وظائف الكلى ومستوى عنصر البوتاسيوم في الدم، عند استخدام أحد الأدوية التي تنتمي لمجموعة الأدوية المثبطة للإنزيم المحول للأنجيوتنسين أو مجموعة أدوية حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين على سبيل المثال، وذلك بمعدل مرة واحدة إلى مرتين سنويا.

 

 

 

وعند استقرار حالة المريض والوصول للهدف المراد خلال تلك الفترة، يوصى بمراجعة الطبيب المختص بشكل دوري كل ثلاثة أشهر تبعا لحالة المريض الصحية العامة، وتفيد المراجعات الدورية للطبيب خاصة خلال بداية فترة العلاج، بخلْق الفرصة للمريض لطرح أية أسئلة تراوده حول حالته الصحية والعلاج الموصوف، وذكر أية مشاكل تواجهه تتعلق بذلك العلاج لمساعدته على الالتزام بالخطة العلاجية وبالتالي استقرار الحالة.


المراجع:

Hypertension Guidelines Resources, (2018, Oct 26), Hypertension Guidelines Resources, American Heart Association. Retrieved from https://www.heart.org/en/health-topics/high-blood-pressure/high-blood-pressure-toolkit-resources

High blood pressure (hypertension), (2018, May 12), High blood pressure (hypertension), Mayo Clinic. Retrieved from https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/high-blood-pressure/diagnosis-treatment/drc-20373417

Steinbaum S.R., (2017, Dec 17), An overview of high blood pressure treatment, Web MD. Retrieved from https://www.webmd.com/hypertension-high-blood-pressure/guide/hypertension-treatment-overview#1

Hypertension: Treatment overview: Management and treatment, (2011, Feb 1), Hypertension: Treatment overview: Management and treatment, Cleveland Clinic. Retrieved from https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/12274-hypertension-treatment-overview/management-and-treatment

MacGill M., (2018, Nov 21), Everything you need to know about hypertension, Medical News Today. Retrieved from https://www.medicalnewstoday.com/articles/150109.php

Biggers A., (2019, Feb 27), High blood pressure treatment, Healthline. Retrieved from https://www.healthline.com/health/high-blood-pressure-hypertension-treatment

حمل التطبيق الآن
متوفر على متجري ابل وجوجل

الاشتراك بالنشرة البريدية